العطور.. التاريخ والصناعة
العطور المصنعة والطبيعية
ذات بعد إنساني كبير، إذ إن الإنسان حريص منذ القديم على استخدام العطور، وقد عرفت
صناعة العطور منذ قديم الأزل في العصور الحجرية؛ فقد أحرق الإنسان البدائي
النباتات العطرية ليحصل على الرائحة الطيبة.
العطور في الحضارات القديمة:
في الحضارة الفرعونية استطاع المصري القديم
تدشين صناعة العطور، وكان العطر يستقطر بطريقتين: أن تعصره سيدتان مقابل بعضهما
البعض فتعصر الزهور، ويستحلب منها العطر، والطريقة الثانية هي وضع الزهور في إناء
فخار وحرقها للحصول على رائحتها.
الفراعنة– إذًا - الذين أقاموا حضارة وادي
النيل في مصر وحتى المصبات في البحر المتوسط نجحوا في استخلاص العطور واستخدموها،
ولا شك أنهم بذلك يعدون من أوائل الشعوب (أي: المصريون)التي استخلصت العطور من تيجان
الزهور،وتعد رحلة الملكة حتشبسوت إلى بلاد بونت من أشهر رحلات العصر الفرعوني
والتي جلبت فيها البخور, وورثت الحضارة القبطية صناعة العطور والاهتمام بها من قبل
الفراعنة، وقلدت طريقة استقطارها من الزهور.
العطور في الحضارة الإسلامية:
القوميات التي دخلت الإسلام - ناهيك عن العرب - أحرقوا عيدان البخور لتطييب البيوت والدهن لتطييب الثياب
والأجساد، وقد وجدت أحاديث كثيرة في السنة النبوية تحض على التطيب بالعطور، فقد قال رسول الله - صلى
الله عليه وسلم: (أربع من سنن المرسلين؛ الحناء والتعطر والسواك والنكاح)، وثبت
عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه كان لا يرد الدهن (والدهن: الطيب والعطر).
كانت العطور تجلب قديما من الهند، وكانت
العرب تحرص علي حرق عيدان البخور؛ سواء في البيوت أو في المساجد، لأن ذلك يضيع
الروائح الكريهة كروائح الطبخ والحمامات، وهذا أسلوب متبع في البلاد الاسلامية إلى
الآن، وعلى رأسها مصر والسعودية التي تعتبر موسم الحج سوقا كبيرا لبيع العطور لمن
يأتي إليها حاجا أو معتمرا، وبلاد الحجاز بهذا الشكل مكان مناسب لبيع العطور.
حين جاءت الحضارة الإسلامية ورثت الكثير
والكثير عن الحضارة الإغريقية (اليونانية القديمة), عشق المسلمون العطور، وخصوصا
بعد تأكيد ورودها في الآثار، وابتكر العلامة ابن سينا طريقة الحصول على العطر من
الأزهار وعرفت بطريقة التقطير.
العطور في فرنسا:
في فرنسا ومنذ عصر لويس الخامس عشر اصبحت
باريس ذات شهرة غير محدودة في مجال صناعة العطور؛ حيث كان لويس الخامس عشر من
عشاق العطور، وقيل إنه كان مهووسا بها حد أن ثيابه كانت تنقع لعدة أيام في العطور،
وكذلك عربته الملكية كانت تطيب بشكل يومي ومستمر، وكذلك نابليون بونابارت.
العطور في إنجلترا:
في عهد هنري الثامن وبعد اندلاع الثورة
الصناعية أنفقت طبقات الشعب الإنجليزي جزءا من أموالها على العطور وتظاهر الناس ضد
ارتفاع أسعارها.
مع ابتكار الصابون المعطر أصبح من أكثر
الصناعات التي تدخلها العطور المركزة، خصوصا العطور التي تستعمل في الحمامات، كذلك
منتجات التنظيف (تنظيف الأرضيات، والزجاج بشتى أنواعه).